نظرة أمريكية جديدة تجاه الشرق الأوسط

 منذ تولي دونالد ترامب فترة رئاسته الثانية، بدأ يتضح جليًا إهماله للمصالح الإسرائيلية عمدًا، كما بدأ يتضح تحديدًا تجاهله و تجاهل حكومته الواضح للنتن ياهو، وذلك بعد أن تمادى الأخير في طلباته من الولايات المتحدة الأمريكية بالسلاح و الدعم السياسي و الاقتصادي في حربه الهمجية على الأبرياء و المدنيين المستضعفين في غزة وفي عدة جبهاتٍ أخرى.

بالتأكيد إن هذا التجاهل ليس من أجل سواد عيون العرب و المسلمين، بل من أجل اعتقاد ترامب وايمانه المطلق بأن امريكا اولًا، كما روج اثناء الانتخابات الرئاسية.

كما أنه بهذا التجاهل بالتأكيد لا يعني تخلي الولايات المتحدة الأمريكية عن دعم دولة الإحتلال، ولكنه في إعتقادي يُرسل رسالة لحكومة النتن ياهو مفادها أن هذه الحرب التي تخوضها لن أدعمها، لأن دعمه لها في نظري سيلطِّخ سمعته كما لطخت سمعة بايدن من قبله. 

كما أعتقد أن ترامب يرى أن تلك الحرب لم يأتي منها إلا الخسارة في الاموال و الأرواح دون أي فائدةٍ أو نتيجة، وهو مالا يرغب به ترامب بعقليته التجارية.

وقد أعلن ترامب منذ فوزه بالرئاسة عن نيته لزيارة السعودية، وقد تم تحديد موعد الزيارة اليوم الثلاثاء 13 مايو.

سيحضر مع ترامب للسعودية العديد من رؤساء و ممثلي كبار الشركات الأمريكية و كبار المستثمرين الأمريكيين، وسيكون في استقبالهم كبار الشركات السعودية وذلك لتوقيع الاتفاقيات و الصفقات التجارية المتبادلة في مختلف المجالات.

 كما أعلن ترامب مؤخرًا عن زيارته لقطر و الإمارات بعد السعودية ومن ثمّ سيعود للولايات المتحدة الأمريكية دون زيارة اسرائيل.

هذه المؤشرات توضح سخط الرئيس ترامب من حكومة الإحتلال وعلى رأسها النتن ياهو وتوضح ايضًا مدى العلاقات المتدهورة بينهما، كذلك، كان من المفترض أن يزور وفدٌ أمريكيٌ رفيع دولة الإحتلال قبل زيارة ترامب للسعودية، ولكن تلك الزيارة ألغيت أو كما يقال أنه تم تأجيلها، ليتوجه الوفد للسعودية بدل دولة الإحتلال، الأمر الذي سبب صفعةً لدولة الإحتلال حكومةً و شعبًا.

من جهة أخرى أكد مصدرٌ مسؤول في الحكومة الأمريكية تقدم سير المفاوضات الايجابية بين الولايات المتحدة الأمريكية و ايران والتي انتهت جولتها الرابعة وتبدأ جولتها الخامسة والتي تسير على خير ما يرام، هذا الأمر ايضًا سبب صفعةً أخرى لدولة الإحتلال لأنها تكنُّ العداء الخالص لإيران وتعتبر أنها الدولة الشريرة في المنطقة. 

هذا التوجه الأمريكي نحو ايران و العرب في الشرق الأوسط يجعل دولة الإحتلال منبوذةً و وحيدة ويزيد من الضغوط الداخلية على حكومة النتن ياهو.

من الأمور التي سيناقشها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في زيارته للسعودية هو موضوع تخصيب اليورانيوم في السعودية وإنشاء مفاعلات للطاقة النووية المدنية، وذلك دون اشتراط تطبيع العلاقات مع دولة الإحتلال كما كانت الأخيرة تعتقد.

أعتقد أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أُجبر على الموافقة على شرط بناء المفاعلات في السعودية دون التطبيع مع دولة الإحتلال، وذلك بعد أن ضغطت عليه السعودية وصرَّحت بأنها قد تتعاون مع دول مثل الصين و روسيا في بناء مفاعلاتها النووية.

لذلك أعتقد أن ترامب قد فضلَّ هذه المرة مصالح بلاده واقتصادها على مصالح دولة الإحتلال و مخاوفها، وتجاهل مطالب الكونغرس الأمريكي ليسعى للتقرب من العرب مباعدًا بذلك الشِقّة بينه وبين دولة الإحتلال.

لو تم هذا الأمر فستكون السعودية قد ضربت بعبقريةٍ فذة عصفورين بحجرٍ واحد، عبر حصولها على المفاعلات النووية من جهة، ومن الجهة الأخرى بقيت على موقفها في عدم التطبيع مع اسرائيل إلا بعد قيام دولةٍ فلسطينيةٍ مستقلة على حدود 1967م.

في حال لم تفي الولايات المتحدة الأمريكية بوعودها التي قطعتها أو التي ستقطعها - رغم استبعادي شخصيًا لهذا الأمر - فإن الصين و روسيا ستكونان حاضرتان و مستعدتان أتم الاستعداد لتلبية رغبة السعودية في الحصول على مفاعلات نووية في أسرع وقتٍ ممكن، لذلك انا استبعد ألا يلتزم ترامب بالاتفاق النووي مع السعودية، لأنه لا يرغب بأن تربح الصين أو روسيا بينما تقف الولايات المتحدة الأمريكية متفرجةً ولا تكسب شيئًا.

ختامًا، ما يمكن تأكيده بكل ثقة هو أن السعودية لن تتخلى عن دورها الريادي في نصرة قضية فلسطين، دون التنازل عن تحقيق مصالحها الاستراتيجية، سواءً الداخلية أو الخارجية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من حرب الاستخبارات و تصفية القيادات إلى الحرب الإقليمية

العملاق الذي استيقظ

الحرب و الانتخابات الأمريكية و مستقبل الشرق الأوسط