اللسان العربي في خطر
تنتشر في هذه الايام عادة غريبة علينا و دخيلة على لغتنا وهي التحدث باللغتين العربية و الإنجليزية في وقتٍ واحد و الكارثة أن المتحديث و المستمعين كلهم عرب.
لم أفهم حتى هذه اللحظة ما الفائدة وما الحكمة من هذا الفعل والذي بدأ مع الأسف يستفحلُ بشدة في مجتمعاتنا العربية حتى أصبح الغالبية هكذا فتجد أحدهم في وسطِ حديثه يلقي بعض الكلمات الإنجليزية لعله يقصد بها إبهار من حوله بثقافته.
إذا كان الشخص يتحدث مع غير المتحدثين بالعربية فلا عتب عليه إن تحدث بلغتهم أو بلغةٍ يفهمونها إن كان يجيدها أما أن تتحدث بلغة أجنبية بين ابناء جلدتك الذين تشترك معهم في ذات اللغة فهذا والله هو النقص و الجهل بعينه في نظري.
أفهم أن البعض ربما تأثر بالمجتمع من حوله فأصبح يقوم بهذا التصرف بغير عمد وانا واحدٌ منهم لا أنكر ذلك ولكن سرعان ما أعود، ولكن الغريب في البعض أنه مصرٌ على فعلته بل و تجد حديثه كاملاً باللغة الإنجليزية امام أشخاصٍ عرب!
قد يعتقد البعض اني أرغب بأن يتحدث الناس باللغة العربية الفصحى دائماً، في الحقيقة لا ولكن اللغة العامية تؤدي الغرض بل إن بعض ما ننطق به من العامية فصيحٌ دون أن نعلم.
نقطةٌ أخرى في هذا الموضوع وهي أن بعض الآباء و الأمهات تجده حريصاً على تلقين أبنه الإنجليزية و تعليمه اياها حتى قبل العربية، لا ننكر أهمية تعلم لغة أجنبية سواءً كانت إنجليزيةً أو غيرها، لكن لا تطغى أهميتها على أهمية اللغة العربية، لغة القرآن والتي تعد من أجمل اللغات و أفصحها وأدقها في المعنى.
كنت قد التقيت ببعض الأطفال الذين عندما حدثتهم بالعربية لم يفهموا ما أقول والمشكلة أن والديهم عربٌ وأجدادهم كذلك، الطفل مهما كان لابد أن يخالط بيئته المجاورة من قرابته و جيرانه و أصدقائه فإذا اختلفت لغته عنهم اختلف التفاهم بينهم فيصبح الطفل غريباً بينهم.
كذلك أمرٌ يضايقني جداً وهو تسميات المحلات التجارية، فتجد بعض المحلات تسمي أسمها باللغة الإنجليزية وملَّاكها عرب وفي دول عربية و الأدهى و الأمر من ذلك بعض المحلات التي تسمي اساميها "بالانجليزي المعرب"، منظر بشع للغاية في نظري فلا هو عربي ولا هو انجليزي، أتمنى ايضاً فرض قرار بتسمية المحلات باللغة العربية فقط لإنهاء هذا التشوه البصري و الثقافي.
وايضاً اللائحات العامة ، لا أعلم لم تترجم للإنجليزية، قد يقول البعض بشأن السياح، ولكن في أمريكا و أوروبا و الصين وغيرها من البلدان تضع كل بلدٍ لغتها فقط على اللائحات وتترك السياح يترجمون بأنفسهم و يتعلمون لغتهم دون أن تفكر في أنهم قد يتضايقون من ذلك ومع ذلك تجد السياح يتوافدون عليها كل عام لأن السياح ينجذبون لمعرفة ثقافاتٍ جديدة و أماكنَ جميلة وكل هذا موجود في السعودية وتسعى رؤية 2030 للحفاظ عليها و تطويرها و زيادتها، كما أن تطبيقات الترجمة متوفرة بكل اللغات بشكلٍ مجاني و سهلٍ للغاية، أتمنى ايضاً إقرار قرار جديد بتغيير كل اللائحات الإرشادية باللغة العربية فقط، ربما أعتقد أنه يجب استثناء الحرمين الشريفين لأنها مقصد المسلمين من كل بلدان العالم بإختلاف لغاته.
حتى الدراسة في التخصصات العلمية وبعض التخصصات الأدبية في المرحلة الجامعية كلها باللغة الإنجليزية، برغم أن الطالب عندما يتخرج سيتوظف في مكانٍ غالبيته ناطقين بالعربية، لا أنكر أنه سيضطر للتحدث بالإنجليزية مع الأجانب، لذلك، و كحلٍ لهذا يمكن أن يكون هناك عدة مناهج للغة الإنجليزية تُقسم حسب التخصص المراد دراسته، ولنا في سوريا خير مثال في دراسة الطب باللغة العربية.
من المفارقات المحزنة في هذا الموضوع، قديماً كان الاوروبيون يبتعثون للدراسة في الأندلس، وعندما يرغب الأوروبي إظهار مستوى ثقافته العالي ينطق بعض الكلمات العربية امام اقرانه ليروا أنه مثقف و متعلم والأن إنقلب الحال مع الأسف و اصبح العكس تماماً.
عندما ننظر للإتحاد الأوروبي نجد أن هناك 24 لغةً معتمدة فيه كلغات عمل وكل مندوب دولة فيها يتحدث بلغته الأم ويوفر له الإتحاد الأوروبي مترجمين ليترجموا خطابه لباقي اللغات وهذا دليلٌ على اهتمامهم بثقافاتهم المختلفة والحفاظ عليها بدل مسخها واستبدالها بلسانٍ غريبٍ عنهم، ويفترض أن نكون نحن في هذا الإهتمام أولى منهم ومن غيرهم.
أخيراً، هذا رأيي الشخصي و قد يختلف معي البعض ولا مشكلة في ذلك فلكل شخصٍ رأيه ولكني شخصياً مهتمٌ جداً بالحفاظ على اللسان العربي و تنميته و نشره بين اصقاع الأرض لتعود لغة القرآن كما كانت لغة العلم و الأدب و الثقافة و سيدة اللغات.
تعليقات
إرسال تعليق