رسوم الجمارك الأمريكية ... قرصة و فرصة

 بعد الأمر التنفيذي الذي وقعه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي يقضي بفرض رسوم جمركية على واردات أكثر من 180 دولة بنسب مختلفة، تظهر هناك بعض المؤشرات التي توحي بإقتراب حرب اقتصادية قوية بين اقطاب العالم، خصوصاً بين امريكا و الصين وربما الاتحاد الاوروبي، الذي بدأ يكشر عن انيابه امام قرارات الولايات المتحدة الأخيرة، سواءً رسوم الجمارك أم موقف امريكا من حرب اوكرانيا.

مع تطبيق هذه الرسوم سترتفع اسعار منتجات كثيرة منها السيارات و الهواتف و غيرها من الصناعات المختلفة وذلك بسبب ارتفاع تكلفة استيراد الموارد الخام خصوصاً من وإلى امريكا و الصين و اوروبا، في هذا الأمر مشكلة كبيرة ستلقي بظلالها السلبية على أسواق العالم ككل دون استثناء، ولكني ممن يؤمن دائماً بوجود الأمل في وسط الألم.

أعتقد أن هذه الرسوم الجمركية ستسبب انخفاضاً ملحوظاً في مستوى التبادل التجاري بين اقطاب العالم، خصوصاً بعدما أعلنت الصين عن رسوم جمركية على الواردات الأمريكية كرد فعل انتقامي بالإضافة لتقييد صادرات المعادن الضرورية في صنع الرقائق الإلكترونية، واخيراً، وضع شخصيات و كيانات امريكية في القائمة السوداء.

هذا الوضع الدولي المشحون في إعتقادي يُنتجُ بيئةً تنافسيةً صحية للدول التي ترغب في تنمية صناعاتها و وضعها في قائمة المنافسة عالمياً بسبب تنافر أقطاب الصناعة عن بعضهم، شريطة أن تثبت تلك الصناعات جودتها و كفائتها بأقل تكلفةٍ ممكنة.

الفرصة هنا للدول العربية عموماً وللسعودية خصوصاً، عبر تحقيق أقصى منفعة ممكنة من هذه الدول عبر التعاون الاقتصادي و تبادل الخبرات الفنية و توطين الصناعات ثم إعادة تصديرها للدول الأخرى، بهذا تتحقق عدة أهداف في آن واحد، أولاً، زيادة نسبة الصناعات المحلية مما يعني زيادة عدد الوظائف و تخفيض نسب البطالة، ثانياً، زيادة نسبة الصادرات مما يعني زيادة الناتج المحلي الإجمالي للدولة مما يحقق تنويع مصادر الدخل للدولة ويؤدي في النهاية إلى استقرارها، ثالثاً، تحقيق أقصى استفادة ممكنة من العلاقات الدبلوماسية و الإقتصادية و السياسية في ظل الظروف الراهنة لتحقيق أفضل العوائد بأقل التكاليف وبأسرع وقت ممكن.

حسب تحليلات بعض المحللين يقولون أن ترامب قام بهذه الخطوات لتعزيز الصناعات الأمريكية داخل أمريكا و تقليل حجم الاستيراد قدر المستطاع، في هذه الخطوة برغم تأثيراتها الكارثية درسٌ مهم قمت بإستنتاجه، ألا وهو أهمية الصناعات المحلية و ضرورة تعزيزها و دعمها و اعتمادها محلياً ثم نشرها خارجياً على أوسع نطاق.

أتمنى بشكلٍ شخصي أن تزداد الصناعات السعودية و تتنوع ثم تنتشر في أرجاء العالم حتى تغطي العالم بأكمله كما هو الحال مع المنتجات الصينية، اذكر ملاحظة بسيطة سريعة، أُشيع في الماضي أن المنتجات الصينية جميعها ذات جودة سيئة وهذا غير صحيح، فهي تختلف بإختلاف أسعارها و موادها و مصنيعها، كذلك الحال مع أي صناعة. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من حرب الاستخبارات و تصفية القيادات إلى الحرب الإقليمية

العملاق الذي استيقظ

الحرب و الانتخابات الأمريكية و مستقبل الشرق الأوسط