ما هو مستقبل سوريا؟

 منذ السابع و العشرين من نوفمبر الماضي بدأت المعارضة السورية حرباً ضد الأسد لتحرير سوريا من حكمه في توقيت مباغت للأسد و لحلفائه الإيرانيين و الروس وقد استطاعوا تحرير مناطق واسعة شملت إدلب و حلب و حماة و أريافها و قراها في ظرف اسبوعٍ من الزمان وسط انسحابٍ و انهيار مستمر من جيش بشار و الميليشات الإيرانية.

التوقيت الذي اختاره الثوار كان عبقرياً جداً في نظري فقد كان حلفاء بشار في غاية انشغالهم و ضعفهم.

فإيران بعد الضربات التي نالتها ميليشاتها في سوريا و لبنان و بالذات حزب الله من قبل دولة الإحتلال جعلتها في حالة الدفاع فقط.

اما روسيا فحرب اوكرانيا التي استنزفتها طوال عامين و عشرة أشهر تقريباً وجعلتها تطلب المدد من كوريا الشمالية و ايران و غيرها لمواجهة اوكرانياً المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية و اوروبا كلها تقريباً.

ما زاد من ضعف حكومة الأسد فوق الخسائر التي تتكبدها هو انشقاق المئات بل ربما الآلاف من جيشه و الاستسلام للثوار لحفظ حياتهم بالإضافة لعجز حلفائه عن تقديم أي دعمٍ حقيقي باستثناء الاسناد الجوي الروسي والذي لم يعد يفي بدعم الأسد حتى.

بعد تحرير كلٌ من إدلب و حلب و حماة كان المتوقع أن تتوجه المعارضة إلى حمص وحصل ذلك فعلاً حيث هم الأن على ابوابها متجهين إلى دمشق، ولكن حصل أمرٌ لم يكن متوقعاً وهو أن المعارضة سيطرت على درعا في جنوب غرب دمشق و تتجه منها إلى دمشق و هذا يجعل دمشق في الكماشة بين القادمين من حماة و القادمين من درعا، كما أن بعض الأخبار تقول إنهم قد سيطروا بالفعل على احياء داخل دمشق وهي داريا و جرمانا والتي تبعد حوالي عشرين دقيقة عن القصر الرئاسي كما أنهم استطاعوا ايضاً السيطرة على المعضمية القريبة من مطار المزة العسكري و ما زالوا مستمرين في التقدم من جهتين بإتجاه دمشق.

هناك ايضا قوات سوريا الديموقراطية ( قسد ) المدعومة امريكياً و الموجودة في الشمال الغربي و في الجنوب الغربي في سوريا والتي بدأت هي الأخرى تسيطر على عددٍ من المواقع المهمة التي تركها النظام السوري في الرقة و دير الزور و غيرها من المناطق المجاورة لسيطرتها.

في هذه الأثناء عُقد في الدوحة اجتماعٌ جمع روسيا و تركيا و ايران لبحث حل وخرجوا بنتيجةٍ واحدة وهي ضرورة التفاوض بين المعارضة و نظام الأسد للتوصل لحل دبلوماسي وهو ما لن يحصل في توقعي الشخصي.

كافة الدول بدأت تتنصل من دعم الأسد حتى حلفائه الذين كانوا من أشد داعميه في الماضي اصبحوا يدرسون الوضع و يتوقعون من سيأتي بعده وهذا هو الطبيعي في السياسة حيث المصالح تتغلب دائماً على الأشخاص.

حتى عددٌ من الدول في جامعة الدول العربية أجلت إجتماعاً طارئاً طالبت به حكومة الأسد لبحث الوضع في سوريا.

الأحداث في سوريا تطورت بسرعة مذهلة و مريبة في ذات الوقت والذي يحصل حالياً مفرح من جهة التخلص من الميليشات الايرانية و فرحة الشعب السوري الحبيب بالعودة لأرضه و وطنه و مقلق من ناحية ما هو مستقبل سوريا ومن سيحكمها و كيف ستتعامل الأقطاب الموجودة فيها حالياً.

في تصوري الشخصي أن بشار الأسد لن يكون رئيساً لسوريا في 2025 لو استمر الحال على ما هو عليه وأن ايران ستخرج من المعادلة السورية تماماً كما أعتقد أن روسيا ستسارع بالتخلي عن بشار لتبحث عن مصالحها مع المعارضة السورية في حال قبلت الأخيرة بذلك.

لذلك السؤال الذي يجب أن نسأله هو من سيكون رئيس سوريا القادم؟ و كيف سيتم اختياره؟ وما موقف الولايات المتحدة الأمريكية و روسيا و تركيا و إيران في ذلك؟

هذا يضع على عاتق المعارضة و الثوار و القوى السياسية السورية اعباء كبيرة لإيجاد و صنع واقع سوري أكثر استقراراً و سيادة للدولة السورية و لمصالحها و ثرواتها و أرضها و علاقاتها. 

حقيقةً أتمنى أن يكون نهاية هذا الأمر خيراً للشعب السوري و نهايةً لمعاناتهم التي استمرت حوالي ثلاثة عشر عاماً و بدايةً لسوريا مستقرة و قوية و منطقة أكثر استقراراً و رخاءً.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من حرب الاستخبارات و تصفية القيادات إلى الحرب الإقليمية

العملاق الذي استيقظ

الحرب و الانتخابات الأمريكية و مستقبل الشرق الأوسط