الحرب و الانتخابات الأمريكية و مستقبل الشرق الأوسط

 في ظل ما تشهده منطقة الشرق الأوسط حالياً من مآسي و أزمات و نزاعات مباشرة و غير مباشرة تمتد من الماضي وتستمر حتى الأن إلا أننا نقف على أحداثٍ حاليةٍ الأن قد تُحدث تغييراً واضحاً في مستقبل منطقة الشرق الأوسط وأهم تلك الأحداث من وجهة نظري هي الإنتخابات الأمريكية و الحرب على غزة وما تبعها من قصفٍ على اليمن و لبنان.

يقترب الأن موسم الإنتخابات الأمريكية والسباق إلى كرسي الرئاسة في البيت الأبيض وقد كان جو بايدن الرئيس الحالي و دونالد ترامب الرئيس السابق هما المرشحان في السباق الرئاسي ولكن مع انسحاب بايدن منه نظراً لعجزه و مرضه و ضعفه الواضح جاء بدلاً منه كامالا هاريس نائبته وهي ايضاً من الحزب الديموقراطي.

تعتبر هذه الانتخابات مهمة على مستوى العالم لما للولايات المتحدة الأمريكية من مكانة و قوة عالمية ولو أنها بدأت بالإنهيار في عهد بايدن وكنت اتمنى استمراره لولاية ثانية ليكمل إضعاف قوتها ولكن لم يعد هذا مهماً الأن فرغم غباء بايدن إلا انها ما زالت قوية و متحكمة وكما تسمى شرطة العالم ولكن بدرجة أقل من السابق. 

كامالا هاريس ليست نداً لترامب في نظري فهي لا تضاهي قوة ترامب السياسية فقد استطاع منع قيام أي حرب في فترته الأولى كذلك لا تضاهيه في مستوى بجاحته في الكلام فقد سمعنا كلامه عن الناتو و اوكرانيا و كوريا الجنوبية و تايوان وحتى على السعودية بشأن الحماية و أن هذه الدول يجب أن تدفع لتحميها امريكا و سأركز هنا على السعودية تحديداً لأننا سنجد أن هذا المتغطرس لاحقاً رد على نفسه بنفسه ليقول بعد أن وصل للرئاسة بأنه لن يرتكب أي حماقةً مع السعودية.

وليس ترامب وحده حتى بايدن الذي قال : سأجعل السعودية منبوذة رأيناه وهو يزور السعودية وهو في حالة عجز حتى أن الإعلام الأمريكي قال عنه انه هو المنبوذ وهناك الكثير من الشواهد المماثلة لذلك وكل هذا يثبت أن الكلام الذي يقال في الانتخابات مجرد كلام لجذب الاصوات من الداخل فلا يهم القول كائناً من كان قال قائله خصوصاً إذا كانت الدول المقصودة دولاً قوية.

تركيزي على الانتخابات بسبب أن المنطقة الأن يشتعل فيها حربٌ امتدت أكثر من تسعة أشهر وعلى وشك الدخول في الشهر العاشر بين الإحتلال و حماس في قطاع غزة وأن هذه الحرب قد تسببت باستشهاد أكثر من أربعين الفاً ومن المصابين أكثر من سبعين الفاً هذا بخلاف المباني المتضررة و بخلاف الجوع و العطش الذي يعاني منه أهل غزة الابرياء كما أن هذه الحرب سببت ضربات على اليمن و لبنان من قبل الإحتلال بسبب تدخل الحوثيين من اليمن و حزب الله من لبنان في الحرب بشكل مباشر في حرب غزة وهذا ما يجعل المعاناة الواحدة أكثر من معاناه فالشعب اليمني متضررٌ بقدر الشعب اللبناني من هذه الحرب وهذا يهدد بشكل مباشر أمن و استقرار الشرق الأوسط.

الانتخابات ونتيجتها لن تنهي الحرب بشكلٍ مباشر فكائناً من كان الذي سيصبح الرئيس فأن توجهاتهم في دعم الإحتلال واضحة و صريحة وقد أظهرت المناظرة الأولى بين بايدن و ترامب ذلك جلياً. 

ولن تنتهي الحرب إلا بعقد صفقة أو بإستسلام أحد الطرفين و الرئيس الأمريكي الحالي أو القادم قد يكون دوره ضاغطاً على رئيس الوزراء الاسرائيلي للموافقة على قبول الصفقة المطروحة على الطاولة ولكن النتن ياهو يصر على إطالة المفاوضات حتى يستمر في منصبه أطول فترة ممكنة فقضايا الفساد تطارده من جهة و الفشل في الحرب يطارده من جهة أخرى فهو في حربٍ داخلية غير حرب غزة فقد حدثت الكثير من المظاهرات في تل ابيب و غيرها من مدن اسرائيل تطالبه بعقد صفقة ثم القيام بإنتخابات و الرحيل عن المنصب.

لن أتحدث عن استقبال النتن ياهو في الكونقرس و خطابه و التصفيق الحاد الذي كان من أعضاء المجلس له طوال الخطاب فهو مشهدٌ مقزز لأبعد حد خصوصاً أن البلد المستقبلة لمجرم الحرب هذا هي نفسها التي تدَّعي الدفاع عن الحرية وحقوق الإنسان ولكن إذا عُرف الأيباك بطُلَ العجب. 

كما أن جبهة لبنان تشتعل منذ مدة طويلة وجيش الإحتلال يتوعد بغزو لبنان لإبعاد حزب الله عن حدوده الشمالية إلى ما وراء نهر الليطاني ليعود سكان الشمال في مستوطناتهم.

في جهةٍ أخرى ما زالت السودان ايضاً تعاني من الحرب الأهلية فيها بين الجيش و قوات الدعم السريع وقد انتشر فيها الجوع بشكل مخيف وقد هاجر ملايين السودانيين داخلياً هرباً من الحرب و تبعاتها رغم محاولات المملكة العربية السعودية لإخماد هذه الحرب الكارثة إلا أن كلا الطرفين ما زال معانداً وبرغم أنهم اجتمعوا في جدة للتفاوض إلا انهم لم يتوصلوا لإتفاق واعتقد أنه لو فاز ترامب بالرئاسة فان المملكة العربية السعودية ستتعاون معه لمحاولة إنهاء هذه الحرب. 

في النهاية أتمنى أن تنتهي كافة هذه الحروب في أسرع وقتٍ ممكن وأهمها الحرب في غزة لأنها ستساهم في حقن الدماء و إعادة بناء ما تم هدمه واتمنى أن يطبق حل الدولتين لننتهي من هذا النزاع الذي استمر عقوداً طويلة ولو أني في قرارة نفسي اؤمن أن حل الدولتين هذا قد مات منذ زمنٍ بعيد وذلك بسبب رفض الإحتلال له من الأساس لأنهم يعتبرونه خطراً على دولتهم المزعومة وأكبر دليل لذلك جلسة الكنيست الأخيرة التي رفض فيها قرار إقامة دولة فلسطينية بأغلبية وايضاً زيادة عدد المستوطنات في الضفة الغربية فهذا الكيان لا يرغب بالسلام ولا يسعى له ولا يبذل أي جهدٍ اليه.

أتمنى أن يكون مستقبل هذه المنطقة أفضل من حاضرها و ماضيها ورغم صعوبة الأمر إلا أنه ممكن فليس حالنا الأن أسوا من حال اوروبا في فترة الحربين العالمية الأولى و الثانية و برغم تلك الحربين المهلكتين و برغم كل ما فيها إلا أنهم استطاعوا الصعود و النهوض من جديد بعد كل الدمار و القتل الذي حصل وإن شاء الله يكون مستقبل منطقتنا أفضل.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من حرب الاستخبارات و تصفية القيادات إلى الحرب الإقليمية

العملاق الذي استيقظ